السبت، 19 مارس 2016

مجزرة كفر خضر بطنطا

ما حدث فى مجزرة قرية «كفر خضر» بطنطا دليل على أن البحث الجنائى فى مصر بخير، فبعد أقل من 6 أيام من وقوع الجريمة البشعة والغامضة التى هزت مشاعر آلاف المواطنين الذين تابعوا تفاصيلها،


عندما استيقظت القرية على صرخة الأب الذى خرج توا من المسجد بعد أداء فريضة الجمعة، الى بيته بعد ان انتابه شعور غريب ومريب بثمة مكروه فى منزله قد وقع لأسرته، وبالفعل صدق حدس الرجل، فتح باب منزله فوجد طفله الأكبر غارقا فى دمه، تملكه الرعب وتحجر لدقائق فى مكانه، أراد أن يصرخ ويهز جسد طفله الأكبر النحيل ولكنه لم يقو، انتابته هزة عنيفة دفعته للصعود إلى الطابق الثانى ليجد زوجته جثة هامدة ودمها فى كل مكان على الأرض والحوائط بما يشير إلى قتلها بتحطيم رأسها بالدفع، ايقن ان اسرته جميعها قد أصبحت فى ذمة الله، ولم يبقى له سوى ان يرى جثثهم وبالفعل على بعد خطوات وجد جثة طفليه الآخرين حبيبة وعبدالرحمن وكان يوسف فى سلم الطابق الأول مازال يتنفس ببطء، يصرخ صرخة شرخت هدوء الارجاء، دقائق وكان المئات من أهل القرية على بابه وداخل مسكنه الذى لم يدخله أحد من هؤلاء من قبل، ويخطر اللواء نبيل عبد الفتاح مدير أمن الغربية بتفاصيل الواقعة وقيام مجهولين بقتل الأم وطفليها وإصابة الطفل الثالث بعصابات خطيرة وينقل بين الحياة والموت لمستشفى طنطا الجامعى وتفرض عليه حراسة مشددة باعتباره سيكون الشاهد الوحيد على ما حدث، ويستمع اللواء ابراهيم عبد الغفار مدير المباحث لرواية الاب فلم يصل إلى أى شيء يدله على سبب الجريمة فالمنزل لم يسرق وفيه مبالغ كبيرة لم يقترب لها القتلة، شيء واحد فقط قاله اثار اهتمام اللواء إبراهيم وهو ان مفتاح المنزل سرق قبل أيام منه ولم يعر الأمر أى اهتمام ولكن كان ذلك مصدر كل الاهتمام لرجال المباحث الذى تجمع بقيادة العميد حلمى أبوالليل رئيس مباحث الغربية وضم كتيبة البحث الذى بلغ عدد ضباطه 25 ضابطا تقدمهم العقداء وليد الجندى ووليد الصواف ومحمد عز.
فى غرفة العناية المركزة حرص مدير البحث الجنائى على الجلوس عدة ساعات لعل الطفل يوسف يقول ما يدلهم على مرتكبى الجريمة ولكن يوسف «10 سنوات» لم يقل سوى ان الرجل المتهم كان يرتدى كلاً من بنطلون وجاكت أسود وملثم، ولا يوجد مبرر واحد لوقوع الجريمة فلا خصومه له مع أحد حتى اهل القرية تحدثوا عن الضحايا ورب الأسرة باعتبارهم ملائكة، مما أدهش ضباط المباحث فما بال الشياطين بالملائكة، وكان مفتاح المنزل الذى سرق هو بالفعل مفتاح كشف اللغز وتبين ان واقعة سرقة المفتاح كانت بوجود شخصين فقط وهما أمين مخزن شركة المبيدات الزراعية التى يملكها رب الأسرة الضحية وسائقه، وبفحص الأول تبين انه شخص ولا غبار عليه أما الثانى فكان هو محل الشك فقد تبين انه التحق للعمل عند رب الأسرة قبل 40 يوما فقط وله سابقة وهي قيامه بسرقة أسرة كان يعمل لديهم قبل ان يقبض عليه متلبسا ببيع المسروقات فى الصاغة ويهرب من حكم بالحبس لمدة سنة على ذمة تلك القضية ويلقى الرائد أحمد جعيصة، رئيس مباحث المركز القبض عليه ويعترف تفصيلا بجريمته.
وكانت اعترافات المتهم ضياء السيد «سائق» أمام اللواء إبراهيم عبدالغفار مثيرة لدرجة أدهشت الجميع فقد تبين انه كان بطل الغربية الأول فى الملاكمة والسادس على الجمهورية عام 2007، وسقط فى وحل الجريمة التى راح ضحيتها أم وطفليها فى حين أصيب الطفل الرابع بهدف السرقة لمروره بضائقة مالية ورغبته فى الارتباط بخطيبته وبدلا من الدخول على عروسه دخل السجن لينتظر حكمًا قد يصل إلى الإعدام.
المتهم يتسم بالعنف وسبق له قبل أسبوعين ضرب خطيبته بنفس الطريقة التى ارتكب بها الجريمة عندما امسك بشعرها وضرب رأسها فى بربريز السيارة، ثم رغبته فى الارتباط بها خلال الشهر الجاري، واعترف بأنه سرق مفتاح المنزل من رب الأسرة وخطط للجريمة بغرض السرقة وتوفير احتياجاته ومصاريف زواجه لعلمه بوجود مبلغ كبير فى المنزل،  وانه كمن فى المنزل وسمع علاء صاحب الشركة وهو يخرج لصلاة الجمعة ثم دخل الطابق الثانى ولكنه فوجئ بالزوجة شيرين فأمسك رأسها بيده فى عنف وضرب رأسها على الأرض وفى الحيطة حتى لفظت انفاسها وبنفس الطريقة العنيفة قتل الطفل عبد الرحمن «7 سنوات» وشقيقته حبيبة «6 سنوات» ويوسف «10 سنوات» ليقتل الطفلين وينقل الثالث للمستشفى وهرب من المنزل قبل الانتهاء من صلاة الجمعة.
وكانت الزوجة الضحية قد شكت من عدم اهتمام زوجها بسرقة مفتاح المنزل وقالت لبعض أقاربها ان زوجها مطمئن جدا وكأنه ينتظر دخول اللصوص علينا المنزل لذبحنا، حتى تمكن المتهم من التسلل للمنزل بالفعل.


وعلى مدار التحقيقات لم يدل الزوج بأى معلومات تفيد فريق البحث وحتى الطفل الوحيد لم يقدم أى دليل يفيد ضباط المباحث مما شكل عبئاً وضغطاً إضافياً على فريق البحث والذى ركز جهده فى واقعة سرقة المفتاح وتبين ان المتهم ومعه أمين مخزن رب الأسرة هما من كانا موجودين معه فقط لحظة سرقة المفاتيح.
وألقى القبض عليه وأحيل للنيابة التى قامت بمصاحبته لإعادة تمثيل الجريمة كما وقعت، كما قام مدير الأمن ومدير المباحث وفريق المباحث المكون من 25 ضابطا بأداء صلاة الجمعة الماضي فى مسجد القرية لاحتواء غضب الأهالى من وقوع الجريمة ومطالبتهم بالقصاص الفورى من المتهم العنيف والشاذ وتقديم واجب العزاء لهم ولعائلة المجنى عليه والذى لم يتبق من أسرته سوى طفله يوسف الذى خرج فعلا من العناية المركزة بمستشفى طنطا الجامعى بعد ان تحسنت حالته.
وبعد ان القى القبض على القاتل الذى فجر اعترافاً خطيراً إنه ارتدى نقاباً وحاول قتل الطفل يوسف داخل غرفة العناية المركزة بعد ارتكابه للمجزرة بيومين حتى يتخلص منه لكونه الشاهد الوحيد ولكن الحراسة المشددة على الطفل المريض لم تمكنه من ذلك.

وكان اللواء أحمد صقر محافظ الغربية قد قام بتكريم فريق البحث على جهوده فى كشف لغز المجزرة التى أثارت الرأى العام فى المحافظة وأثنى على دورهم فى عودة الهدوء والسكينة لنفوس المواطنين.